تقرير: طلاب المناطق الشرقية .. ومعاناة النقل المستمرة.

جــســر – خاص
في خضم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد ، ومع الانهيار المستمر في قيمة الريال اليمني وارتفاع أسعار الوقود ، تتجلّى معاناة طلاب المناطق الشرقية في محافظة حضرموت ، أولئك الذين أصبح التعليم الجامعي بالنسبة لهم تحدياً يومياً لا يقل قسوة عن تحديات الحياة المعيشية.
ففي الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون الجامعات ملاذاً للعلم ، أصبحت وسائل النقل المؤدية إليها عائقاً مادياً ونفسياً ، يزيد من معاناة الطلبة ويهدّد استقرارهم الأكاديمي في أكثر فترات العام حساسية.
– أزمة النقل من دعم مشكور إلى خذلان صامت
بعد سلسلة من المطالبات والوقفات الطلابية ، استجابت السلطة المحلية بمحافظة حضرموت بإطلاق مشروع نقل مدعوم بنسبة 50% ، تم تنفيذه عبر مؤسسة أساس للتنمية ، وجرى توقيع عقود مباشرة بينها وبين سائقي الحافلات المنضوين تحت إشراف تنسيقيات الطلاب في المديريات الشرقية.
في بدايته لعب المشروع دوراً محورياً في التخفيف من الأعباء المالية على الطلاب ، وساهم في تعزيز استقرارهم الدراسي. غير أنّ هذا الاستقرار لم يدم طويلاً ، حيث بدأت ملامح التعثر تظهر تباعاً ، لتتحول هذه المبادرة إلى أزمة جديدة تضاف إلى قائمة الأزمات التي تثقل كاهل الطالب الجامعي.
– الجهة المسؤولة: السلطة المحلية لا تفي بالتزاماتها
خلافاً لما كان يظنه البعض ، لم يكن التعثر نتيجة تقصير من مؤسسة أساس ، بل إنّ السبب الحقيقي والأول يعود إلى تأخر السلطة المحلية بمحافظة حضرموت في تحويل مستحقات المشروع ، إذ لم تقم حتى اليوم بتحويل المبالغ الخاصة بشهري فبراير وإبريل ومايو ، مما أدى إلى عجز المؤسسة المنفذة عن صرف مستحقات سائقي الباصات ، وبالتالي توقف المشروع كلياً.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطة المحلية كانت قد التزمت بتحويل المبالغ على هيئة دفعات ، غير أنّ هذا الالتزام لم يُحترم في الأشهر الأخيرة ، ولم تُقدم أي توضيحات رسمية بشأن أسباب التأخير رغم الأثر المباشر والكبير الذي يلحق الطلاب وأسرهم نتيجة لهذا الإهمال.
– الانعكاسات المباشرة على حياة الطلاب
إنّ توقف المشروع في ظل فترة الامتحانات النهائية لا يُعد مجرد تأخير إداري ، بل يُمثل ضربة قاسية لمستقبل مئات الطلاب الذي اضطروا إلى تحمّل أجور النقل من جيوبهم ، بل إنّ بعضهم عجز عن الوصول إلى قاعات الامتحان بسبب عجزه عن دفع التكاليف ، مما يهدد فرصه في اجتياز العام الدراسي بنجاح.
وقد أجبر الطلاب في ظل هذه الظروف على دفع أجور النقل مقدماً إلى السائقين ، وسط وعود بأن تسوى الفروقات لاحقاً إذا تم تحويل مستحقات السائقين ، وهو إجراء يزيد العبء المادي على الطلبة ويضعهم في موقف نفسي مرهق ، خصوصاً وأنّ الغالبية العظمى من الطلاب الجامعيين في المديريات الشرقية ينحدرون من أسر محدودة الدخل.
– مناشدات عاجلة وصرخة جماعية
في بيان صادر عن تنسيقيات طلاب المناطق الشرقية بتاريخ 15 مايو 2025 ، دعا الطلاب عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء فرج سالمين البحسني إلى التدخل العاجل ، وطالبوا السلطة المحلية بالإفراج عن المستحقات المتأخرة للمؤسسة المنفذة حتى يتسنى لها إعادة تشغيل المشروع.
كما شدد البيان على أن بقاء الوضع على ما هو عليه يفتح باباً واسعاً لمزيد من التدهور الأكاديمي ، ويفتح جروحاً نفسية في نفوس طلاب لا ذنب لهم سوى أنهم تمسكوا بحقهم في التعليم.
– خاتمة: التعليم مسؤولية لا ترف
لقد أثبتت هذه الأزمة أن التعلم في مناطقنا لا يزال أسير الحسابات السياسية والقرارات المرتجلة ، وأنّ مشاريع دعم الطلاب مهما كانت نواياها طيبة ، تحتاج إلى منظومة التزام واضحة ، وإرادة تنفيذية حقيقة تُعلي مصلحة الطالب فوق كل اعتبار ، فصوت الطالب إذا ضاع ضاعت معه آمال جيل كامل.
